عندما كنت أطالع بعض الروايات العالمية استوقفتني قصة لم أكن
قد سمعت بها من قبل، رغم أنها كغيرها من الروايات العالمية الموجهة للأطفال كجميلة والوحش أو ليلة والذئب إلا أنها مليئة بالمعاني والعبر التي تصلح للكبار قبل الصغار هي رواية ” اللحية الزرقاء” “la barbe bleu” قبل أن أتوقف عند رموزها سأسردها بإختصار..
تروي هذه القصة حكاية رجل واسع الغناء، عنده قصر كبير مليئ بالتحف والقطع النادرة، دمس المعشر، قوي البنية، لا يعيبه شيء سوى أن له لحيته زرقاء.
أعجب بابنة جيرانه التي قبلت بالزواج به رغم لحيته الزرقاء التي كانت تثير اشمئزازها طمعاً بالمال والقصور التي يملكها.
في يوم من الأيام قرر الرجل ذو اللحية الزرقاء أن يذهب في رحلة لوحده فأعطى زوجته مفاتيح كل غرف القصر لكنه أشار إلى غرفة في اخر القصر مانعاً إياها الدخول إلى تلك الغرفة.
لم تتمكن الزوجة من كبح جماح فضولها طويلاً لتعرف ما يوجد بداخل تلك الغرفة. وفي مساء أحد الأيام توجهت إلى الغرفة وفتحتها وهناك الصدمة… وجددت داخل الغرفة جثث لنساء معلقة، إنها جثث سابقاتها من نساء الرجل ذو اللحية الزرقاء..
بعد أن استفاقت من صدمتها خرجت مسرعة من الغرفة مقفلة الباب خلفها. لكنها لاحظت أن مفتاح الغرفة الذي بيدها بدأ ينزف دماً وكلما مسحت الدم عاد المفتاح لينزف من جديد.. وهنا أدركت حجم ورطتها فأسرعت في الارسال لاخوتها لطلب النجدة.
قبل وصول إخوتها وصل ذو اللحية الزرقاء من رحلته وعرف بالأمر فهمّ بأن يقتلها ولحسن حظها وصل اخوتها في تلك اللحظة وقتلوا ذو اللحية الزرقاء …
من الواضح أن هذه الرواية مليئة بالرموز التي سأتوقف عند بعضها:
اللحية الزرقاء: هي عيب أو نقص في الشخص، فبطل القصة رغم ماله ومعشره الحسن ينقصه أو بالأحرى يعيبه شيء واضح للعيان قد يكون خصلة سيئة أو عادة كريهة.
الغرفة السرية: رمز للخصوصية التي يحتفظ بها كل إنسان لنفسه والتي رغم ارتباطه أو زواجه تبقى حيزه الخاص.
الزوجات المقتولات: رمز لكثرة المرات التي يتعرض فيها الشخص للخيانة فالزوجات قتلن لأنهن فتحن الغرفة بمعنى اخر لأنحن لم يحافظن على الأمانة.
المفتاح الذي ينزف دماً: رمز واضح للجرح الذي لا يشفى، للكسر الذي لا يجبر، وهو رمز انثوي بحت مستمد من العذرية التي إذا فقدت لا تسترد أبداً.
بمحاولة تحليل كل تلك الرموز يمكننا أن نستخلص مجموعة من العبر أرادت الرواية أن تقولها:
مهما كثرت محاسن الشخص من مال أو جمال فلا يمكن التغاضي عن لحيته الزرقاء. إن الذي يتغاضى عن إحدى الشذوذات الواضحة في شريكه مقنعاً نفسه أن هذا لن يؤثر مادام يملك المال أو الجمال فإنها يعرض سعادته للدمار. لا يكفي أن ننظر إلى سطحية الأشخاص الذين نريد الارتباط بهم بل علينا أن نبحث في أعماقهم فنعرف داخل نفوسهم لنفهم طباعهم التي تظهر للعيان على شكل لحية زرقاء.
الفضول والحشرية هي أحد الأسباب الأهم في تدمير حيات الناس. في هذه الرواية نجد محاكاة لقصة ادم وحواء في العهد القديم (الشجرة الممنوعة والغرفة الممنوعة) وفي كلتا الروايتين فإن فضول حواء وفضول الزوجة هو سبب هدم الجنة التي تعيش فيها.
عندما نقرر الارتباط علينا أن نضع كل ماضينا في غرفة ونغلق عليها جيداً بالمفتاح ويفضل أن نضيع المفتاح.. لا أقصد أبداً أن لا نخبر شريكنا بوجود غرفة سرية وإنما إبقاء هذه الغرفة في الماضي الذي لا يمكن الرجوع إليه.
بعد أن نرتبط بشخص علينا أن لا نبحث في ماضيه فهذا يهدد علاقتنا بالموت. علينا أن نقبل بأن لكل منا حيز خاص به وكما أشرت سابقاً في الماضي الذي لا يمكن الرجوع إاليه.
وأهم من كل ذلك الحفاظ على الأمانة والثقة في العلاقة لأن أي جرح فيها ينزف إلى الأبد.
قد يبدو كل ما سبق مجموعة أفكار متناثرة غير مترابطة.. نعم.. فالرواية تحمل العديد من المعاني والرموز التي يختلف صداها من شخص لاخر والتي يمكن فهمها كما هي أو حتى بقلب الأدوار، ولكن كل ما أريد أن أقوله أن الارتباط والعلاقات الحقيقية بين الأشخاص من الأشياء المرهفة والسريعة العطب فعلا كلا الطرفين أن يبذلا كل جهدهما في الحفاظ عليها.
لا يغركم في الاخر ماله ولا شكله ولا كل ما يعجب الناس، اذهبوا أبعد من ذلك لتعرفوا خبايا نفسه.
احرصوا على أن لا تنبت لحيتكم الزرقاء، لا تفسدوا كل محاسنكم بعيوب قد تبدو صغيرة لكنها تبقى كنقطة سوداء في رداء أبيض.
وأخيراً أختم وأقول أن حياتنا نعيشها مرة واحدة، وشركاء حياتنا نختارهم لمرة واحدة وأخطائنا بقررات كهذه لا تصحح إلا بالموت.. فلنحسن القرار..
قد سمعت بها من قبل، رغم أنها كغيرها من الروايات العالمية الموجهة للأطفال كجميلة والوحش أو ليلة والذئب إلا أنها مليئة بالمعاني والعبر التي تصلح للكبار قبل الصغار هي رواية ” اللحية الزرقاء” “la barbe bleu” قبل أن أتوقف عند رموزها سأسردها بإختصار..
تروي هذه القصة حكاية رجل واسع الغناء، عنده قصر كبير مليئ بالتحف والقطع النادرة، دمس المعشر، قوي البنية، لا يعيبه شيء سوى أن له لحيته زرقاء.
أعجب بابنة جيرانه التي قبلت بالزواج به رغم لحيته الزرقاء التي كانت تثير اشمئزازها طمعاً بالمال والقصور التي يملكها.
في يوم من الأيام قرر الرجل ذو اللحية الزرقاء أن يذهب في رحلة لوحده فأعطى زوجته مفاتيح كل غرف القصر لكنه أشار إلى غرفة في اخر القصر مانعاً إياها الدخول إلى تلك الغرفة.
لم تتمكن الزوجة من كبح جماح فضولها طويلاً لتعرف ما يوجد بداخل تلك الغرفة. وفي مساء أحد الأيام توجهت إلى الغرفة وفتحتها وهناك الصدمة… وجددت داخل الغرفة جثث لنساء معلقة، إنها جثث سابقاتها من نساء الرجل ذو اللحية الزرقاء..
بعد أن استفاقت من صدمتها خرجت مسرعة من الغرفة مقفلة الباب خلفها. لكنها لاحظت أن مفتاح الغرفة الذي بيدها بدأ ينزف دماً وكلما مسحت الدم عاد المفتاح لينزف من جديد.. وهنا أدركت حجم ورطتها فأسرعت في الارسال لاخوتها لطلب النجدة.
قبل وصول إخوتها وصل ذو اللحية الزرقاء من رحلته وعرف بالأمر فهمّ بأن يقتلها ولحسن حظها وصل اخوتها في تلك اللحظة وقتلوا ذو اللحية الزرقاء …
من الواضح أن هذه الرواية مليئة بالرموز التي سأتوقف عند بعضها:
اللحية الزرقاء: هي عيب أو نقص في الشخص، فبطل القصة رغم ماله ومعشره الحسن ينقصه أو بالأحرى يعيبه شيء واضح للعيان قد يكون خصلة سيئة أو عادة كريهة.
الغرفة السرية: رمز للخصوصية التي يحتفظ بها كل إنسان لنفسه والتي رغم ارتباطه أو زواجه تبقى حيزه الخاص.
الزوجات المقتولات: رمز لكثرة المرات التي يتعرض فيها الشخص للخيانة فالزوجات قتلن لأنهن فتحن الغرفة بمعنى اخر لأنحن لم يحافظن على الأمانة.
المفتاح الذي ينزف دماً: رمز واضح للجرح الذي لا يشفى، للكسر الذي لا يجبر، وهو رمز انثوي بحت مستمد من العذرية التي إذا فقدت لا تسترد أبداً.
بمحاولة تحليل كل تلك الرموز يمكننا أن نستخلص مجموعة من العبر أرادت الرواية أن تقولها:
مهما كثرت محاسن الشخص من مال أو جمال فلا يمكن التغاضي عن لحيته الزرقاء. إن الذي يتغاضى عن إحدى الشذوذات الواضحة في شريكه مقنعاً نفسه أن هذا لن يؤثر مادام يملك المال أو الجمال فإنها يعرض سعادته للدمار. لا يكفي أن ننظر إلى سطحية الأشخاص الذين نريد الارتباط بهم بل علينا أن نبحث في أعماقهم فنعرف داخل نفوسهم لنفهم طباعهم التي تظهر للعيان على شكل لحية زرقاء.
الفضول والحشرية هي أحد الأسباب الأهم في تدمير حيات الناس. في هذه الرواية نجد محاكاة لقصة ادم وحواء في العهد القديم (الشجرة الممنوعة والغرفة الممنوعة) وفي كلتا الروايتين فإن فضول حواء وفضول الزوجة هو سبب هدم الجنة التي تعيش فيها.
عندما نقرر الارتباط علينا أن نضع كل ماضينا في غرفة ونغلق عليها جيداً بالمفتاح ويفضل أن نضيع المفتاح.. لا أقصد أبداً أن لا نخبر شريكنا بوجود غرفة سرية وإنما إبقاء هذه الغرفة في الماضي الذي لا يمكن الرجوع إليه.
بعد أن نرتبط بشخص علينا أن لا نبحث في ماضيه فهذا يهدد علاقتنا بالموت. علينا أن نقبل بأن لكل منا حيز خاص به وكما أشرت سابقاً في الماضي الذي لا يمكن الرجوع إاليه.
وأهم من كل ذلك الحفاظ على الأمانة والثقة في العلاقة لأن أي جرح فيها ينزف إلى الأبد.
قد يبدو كل ما سبق مجموعة أفكار متناثرة غير مترابطة.. نعم.. فالرواية تحمل العديد من المعاني والرموز التي يختلف صداها من شخص لاخر والتي يمكن فهمها كما هي أو حتى بقلب الأدوار، ولكن كل ما أريد أن أقوله أن الارتباط والعلاقات الحقيقية بين الأشخاص من الأشياء المرهفة والسريعة العطب فعلا كلا الطرفين أن يبذلا كل جهدهما في الحفاظ عليها.
لا يغركم في الاخر ماله ولا شكله ولا كل ما يعجب الناس، اذهبوا أبعد من ذلك لتعرفوا خبايا نفسه.
احرصوا على أن لا تنبت لحيتكم الزرقاء، لا تفسدوا كل محاسنكم بعيوب قد تبدو صغيرة لكنها تبقى كنقطة سوداء في رداء أبيض.
وأخيراً أختم وأقول أن حياتنا نعيشها مرة واحدة، وشركاء حياتنا نختارهم لمرة واحدة وأخطائنا بقررات كهذه لا تصحح إلا بالموت.. فلنحسن القرار..
الجمعة فبراير 13, 2015 11:50 am من طرف hajar
» لعبة من سيربح المليون
الثلاثاء يوليو 15, 2014 5:46 pm من طرف maryam
» موضوع عن التدخين
الخميس يناير 09, 2014 5:32 pm من طرف maryam
» موضوع عن الام
الخميس يناير 09, 2014 5:21 pm من طرف maryam
» conversation et vocabulaire partie 5
الجمعة ديسمبر 27, 2013 1:03 am من طرف Admin
» Les nombres de 1 à 100
الأحد نوفمبر 03, 2013 8:26 pm من طرف maryam
» المسيرة الخضراء
الأحد نوفمبر 03, 2013 12:23 pm من طرف maryam
» الطريق الى النجاح للدكتور ابراهيم الفقى الحلقه 1
الأحد نوفمبر 03, 2013 12:18 pm من طرف maryam
» بحث رائع : قلوب يعقلون بها
الخميس سبتمبر 26, 2013 7:52 pm من طرف Admin